Saturday, September 24, 2005

نداء

من الكلمات الرائعة التي خلدها القرآن الكريم هي نصيحة لقمان الحكيم لابنه و هو يعظه قائلا: يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُور، هذه الأية الكريمة و النصيحة الجليلة أبعث بها إلى أخي العزيز كويت بلوقر و أدعوه إلى أن يشاركني للحظات في تأمل غزارة معانيها و وفرة مغازيها، الآية تدعو إلى إقامة الصلاة التي لا يقوم الدين إلا بها، ثم تقترن هذه الصلاة المقصور جزاؤها على الفرد برسالة أعم و أكبر، و هي رسالة الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر التي بفضلها يخرج المسلم من الحيز الضيق الذي يحيى به بمفرده ليشمل المجتمع بأسره، ذلك المجتمع المسلم الذي تقوم دعائمه على الأخوة و المحبة و التعاون على البر و التقوى، و فيه يقول الله سبحانه و تعالى: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ، هذه الخاصية العظيمة التي اختص الله بها أمة محمد صلى الله عليه و سلم هي التي رسمت الملامح الجديدة للشخصية الإسلامية، و عبرت عنها بفلسفة مغايرة عن تلك التي اعتادتها الشعوب و الأمم السابقة، ففي ظل الدعوة المحمدية نال كل فرد من أفراد هذه الأمة سابقا و لاحقا شرف الرسالة و أداء الأمانة، و غدا أتباع القائد العظيم والمبعوث رحمة للعالمين محمد صلى الله عليه و سلم رهبانا بالليل فرسانا بالنهار ينشرون دعوته و يبينون للناس طريقه و مسلكه، على اختلاف طبقاتهم و تفاوت درجات علمهم وفهمهم، أو ليس هو القائل الداعي: بلغوا عني و لو آية؟

و لكن النصيحة لم تقف عند تلك الصورة الجميلة البراقة فحسب، بل تبعها أمر بالصبر.... الصبر على ماذا؟ .... الصبر على أذى الناس، ذلك الأذى الذي لم يسلم منه لا نبي و لا رسول، حتى الله سبحانه و تعالى خالق الخلق و المتصرف بشؤونهم لم يسلم من ذلك الأذى الذى تنوء بحمله الجبال، و لذلك نرى الله سبحانه يصف نفسه بالصبور، و يخبرنا عنه عبده و حبيبه قائلا في الحديث الشريف: ليس أحد أصبر على أذى يسمعه من الله، يجعلون له البنين و البنات و مع ذلك هو يعطيهم و يرزقهم و يعافيهم! ألم يئن لنا أخي الكريم بعد هذا الحديث أن نتخلق بأخلاق الله؟ ألم يئن لنا أن نتحلى بهذا الصبر العظيم الذي يتحلى به الله؟ فهم يجعلون له الولد، و هو الذي نزه نفسه عن هذا الإدعاء الباطل أبلغ التنزيه، فصور بشاعة قولهم و فظاعته بقوله: تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا، أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا، هذا القول الذي لا تطيقه السموات و لا الأرض و لا الجبال يصبر عليه الله سبحانه، فما صبرنا نحن البشر على ما نسمعه من صبر الله؟ ولكنها الدعوة إلى التأسي بالله و التجمل بأخلاقه الكريمة، أما سيد البشر و خاتم النبيين فالمواقف التي تجسد الصبر في حياته أكبر من أن تذكر و أكثر من أن تحصر، و لي وقفة مع سيدة ضربت أروع الأمثلة بالصبر، أقف مع المُبرءة حبيبة حبيب رسول الله السيدة عائشة بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما عندما طُعنت بخنجر الأذى في مقتلها المتمثل في شرفها و عفتها، فلقد وصلت دناءة العنصر البشري إلى أن يستطيل لسانه في أعراض البيت العلوي الشريف المنزه عن كل أنواع الرجس و الفحش، و لكنه الصبر مرة أخرى، الصبر الذي ينحني أمام تلك الجارية الطاهرة الغافلة التي لم يتجاوز عمرها الخمسة عشر عاما على أكبر تقدير و هي تقف وحدها أمام رياح الاتهام التي أخذت تتلقفها من كل مكان بعدما تخلى عنها الجميع، فهي تخبر عن نفسها في الحديث الصحيح بعد أن راجعها رسول الله صلى الله عليه و سلم في أمرها و قد لبث شهرا لا يكلمها، جاء فقال لها: يا عائشة إنه قد بلغني عنك كذا و كذا فإن كنت بريئة فسيبرئك الله، و إن كنت ألممت بذنب فاستغفري الله و توبي إليه، فإن العبد إذا اعترف بذنبه ثم تاب إلى الله تاب الله عليه، تقول السيدة عائشة: لما قضى رسول الله مقالته قلص دمعي أي جف دمعي حتى لا أحس منه قطرة، كيف لا يكون هذا حالها و هي ترى نظرات الاتهام في عيون أقرب البشر إليها، و لكنه الإيمان الذي كان يعمر قلبها، ذلك الإيمان الذي أعلمها أن زوجها ما هو إلا رسول قد خلت من قبله الرسل، و ما هو إلا بشر يتأثر بكلام الناس كما يتأثر البشر، فاتجهت إلى من بيده أمرها و براءتها، و ردت بعبارة ما كانت لتخرج من جارية صغيرة السن لا تحفظ من القرآن إلا اليسير، قالت و هي كلها ثقة بالله و رجاء: إني والله لقد علمت أنكم سمعتم هذا الحديث و صدقتم به حتى استقر في أنفسكم، فلو قلت لكم أني بريئة والله يعلم أني بريئة لا تصدقوني، و لئن اعترفت لكم بذنب والله يعلم أني منه بريئة لتصدقني، والله لا أجد لكم مثلا إلا قول أبي يوسف قال: فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ، تقول: ثم تحولت و اضجعت على فراشي و أنا حينئذ أعلم أني بريئة و أن الله مبرئي ببراءتي..... و لكن ما شكل هذه البراءة التي كانت تنتظرها؟ لقد كان أبعد أملها و أقصى رجاؤها أن يرى رسول الله في المنام رؤيا يبرئها الله بها، و لكنه الله الذي ترتجيه، وبأسمائه الحسنى و صفاته العلى تستغيثه و تناجيه، في حين أن روحها الطاهرة الشريفة تمزقها أنياب البشر اللئيمة، فتأتي البراءة من السماء... لا برؤيا يراها رسول الله كما كانت تحلم و تتمنى، و إنما بوحي منزل من لدن عليم حكيم، عشر آيات من القرآن تتلى على مر الزمان، فكانت براءتها عبارة عن صك رباني يجزم بعفتها ويؤكد طهارتها و ينتقم لها مقطعا كل تلك الألسن التي هلكت في عرضها

و لا تظن أخي الكريم أن البراءة السماوية لا تكون إلا في الأمور العظام كأن يطعن الإنسان في شرفه و عرضه، بل تكون فيما هو دون ذلك بكثير، فهذا نبي الله موسى صلى الله عليه و سلم يتهم بأنه مصاب بمرض في جسمه، فتأتي براءته من السماء، يقول الرسول صلى الله عليه و سلم في الحديث الصحيح مُخبرا عن أخيه موسى: إن موسى كان رجلا حييا ستيرا لا يُرى من جلده شيئ استحياء منه، فآذاه من أذاه من بني إسرائيل، فقالوا ما يستتر هذا التستر إلا من عيب في جلده إما برص و إما آفة، و إن الله أراد أن يبرئه مما قالوا، فخلا يوما وحده فوضع ثيابه على الحجر ثم اغتسل، فلما فرغ أقبل إلى ثيابه ليأخذها و إن الحجر عدا بثوبه، فأخذ موسى عصاه و طلب الحجر، حتى انتهى إلى ملئ من بني إسرائيل فرأوه عريانا أحسن ما خلق الله، و أبرأه الله مما يقولون، و بهذا أنزل الله قوله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وجيها

رأيت أخي الكريم تفاهة بني إسرائيل و كيف أنهم تأولوا حياء نبيهم واستتاره على أنه مرض بجلده، هذه التفاهة التي لا تقل تفاهة بني عصرنا اليوم عنها بشيئ، حتى أنها تتجاوزها و تتخطاها إلى ما هو أتفه و أحقر، و لكن الله لم يسكت عن هذه التفاهة بل ردها و قلبها على أصحابها، و هو الغيور على عباده ، المحيط بهم و الحافظ لهم من كل ما يمكن أن يصيبهم أو يؤذي مشاعرهم

أخي الكريم إعلم جُعلت فداك أني لم أكتب لك هذه الرسالة و أجمع لك هذه العبر و المواعظ حتى تتراجع عن موقفك و تعود إلى مدونتك، فما كتبته لك يفوق المدونات و يعلو على أفهام أغلب المدونين، و إنما أحببت أن أستذكر معك هذا القصص القرآني و الهدي النبوي حتى يكون لك عونا في معركتك الحقيقية على أرض الواقع و التي تختلف كثيرا عن هذا العالم المحجور، و ما نالك من كلام تلك الشرذمة المشلولة فكريا و المعقولة بعقال السطحية و الدنيوية لا يعدوا كلاما في الهواء وعواءا في العراء، و تعود دائما في رحلتك السامية أن تنبحك الكلاب،فكما يقولون الكلاب تنبح و القافلة تسير، طبعا كلاب المدونات دون كلاب الواقع بكثير، أعانك الله و أعاننا عليها

و لكني لا أخفيك أخي الكريم أنه برحيلك قد انطفأت شمعة من الشمعات القلائل التي كانت مضيئة في هذا العالم المظلم

محبك بلا ريب و الداعي لك في ظهر الغيب

أخوك\أبو عثمان عمرو بن بحر الجاحظ



Wednesday, September 21, 2005

الخسران المبين

و ما راعني إلا حمولة أهلها.... وسط الديار تسف حب الخمخم


قد كنت أخذت على نفسي عهدا ألا أعاود دخول تلك المدونة العابثة، و لكني تذكرت قول رسول الله صلى الله عليه و سلم عندما قال: ألا إنني نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزوروها، لما يصحب تلك الزيارة من العبرة و الاتعاظ، فأخذت أتجول مجددا في تلك المقبرة الفكرية، و أتفقد أضرحة أصحابها الذين فقدوا أرواحهم تحت تأثير كلام صبياني وثقافة وهمية تشربتها عقولهم الدنية من بعض الكتب التي تتدعي أنها تخاطب العقل أولا و المنطق ثانيا، و لا عجب أن يقع الإنسان فريسة تلك الفلسفات البالية و المنقرضة منذ مئات السنين إذا كان يعاني من حالة فقدان ذات خطيرة ومتقدمة

في دولة مثل الكويت الإنسان يأخذ قرار الثقافة في أي لحظة، قد يكون الدافع في طلب تلك الثقافة مجرد خسرانه لمعركة كلامية في أحد جولاته، أو إنه يكون قد قطع شوطا لا بأس به في ميدان القراءة و الاطلاع فيحاول أن يتخذ لنفسه مذهبا يشذ به عن الناس و يخرج من خلاله عن المألوف طبعا بعد أن يكون قد جمع حصيلة كلمات يستطيع بواسطتها أن يعبر ببعض الجمل التي تفتقر إلى المعنى و تقتصر على جمال المفردة ذاتها، فتكون هذه الخزعبلات المنسوجة من تلك الكلمات المحفوظة صيدا سهلا لذلك الذباب الذي يبحث عن كل ما هو سكري و معسول

و مما أضحكني حقا هذه المرة أن ذلك المعتوه قبل التحدي الذي عرضه الله سبحانه و تعالى على كفار قريش من شعراء معلقات و جهابذة كلام و جبابرة ألفاظ و معاني في أن يأتوا بسورة واحدة تباري نظم القرآن فلم يجرأأحد منهم على ذلك، أو حتى حاول أن يستجيب لهذا التحدي، و لكن هذا المعتوه قبل التحدي بكل فخر و شجاعة و السبب في ذلك كما أسلفت سابقا أنه ليس من أهل التكليف، فلو قلت لمجنون اصعد إلى جبل كذا و كذا ومن ثم ألق بنفسك من قمة الجبل و إن فعلت ذلك أتعهد لك بنوط الشجاعة و الإقدام، فإنك لن تجد أسرع منه استجابة لعرضك و تلبية لطلبك، و بالطبع لن يصفق لهذا المجنون إن قام بفعلته إلا مجانين مثله.... نسأل الله سبحانه و تعالى العفو العافية و نحمده إذ أثرى أرواحنا بهذا الدين القويم و جَمّل عقولنا بالفكر السليم

ولكن لا أخفيكم أنه بالرغم من شعوري بالشفقة المفرطة تجاه ذلك الأحمق و أتباعه إلا أن تساؤلاته تنجح دائما في أن تملأني غيظا و تقطعني إربا لما تعكس من سذاجة و جهل و غباء مطبق، و مما يكاد يفلق الكبد و يفتتها إعجاب ذلك القطيع و تجاوبه مع هذه التساؤلات، فكل تساؤلاته تحوم حول آدم عليه السلام والتفاحة و حواء و بكارتها و الحكمة من فرض اللباس الذي يواري سوءتها، بالإضافة إلى تداعيات أخرى في مسألة الحور العين و كيف أن الله اختص الرجال بهذه الكرامة دون النساء، و لعل هذا نوع من الأطروحات هو الذي يستهوي تلك الخنافس المؤنثة من دعاة الأنوثة و المطالبين بها، أسأل الله أن يكون استمالة هؤلاء النساء المنسيات هو ما يحمل هذا الرجل على ذلك الاجتراء الغوغائي على الله و أنبيائه و أن لا يكون الإلحاد هو المحرك لما يُتمتم به... كما نقول بالكويتي الفصيح التظبيط هو الدافع

تعلق إحدى الأخوات على واحدة من تلك المقالات البربرية بعدما دار حولها النقاش و كثر فيها الجدل، تقول له أنك يا أبا هشام تذكرني بقول المتنبي: أنام ملئ جفوني عن شواردها....ويسهر الخلق جراها و يختصم!! أقسم بالله العظيم أنني كدت أن أتقيأ عندما قرنت تلك المغفلة المتنبي بهذا الصعلوك! ونسبت ذلك الغرور الذي لا يليق و لانقبله من أحد إلا المتنبي إلى هذا العاهر الذي أخذ يمارس معهن العهر الفكري على حساب الدين، إذا كنا لا نبصر الشعر فلم نتكلم به ؟ أو على الأقل دعونا تلتزم أشعار نزار قباني وصحبه، أما أن نصعد بهذا العلج إلى مرتبة المتنبي شاعر الأمراء والملوك و صاحب الإعجاز الشعري بتفرد و بلا منازع على مر العصور و كر الدهور، فهذا مما يجعل الإنسان يفكر بأن يتخذ لنفسه لغة غير هذه اللغة التي استوى أعاليها مع أسافلها...و لكن صدق المتنبي عندما قال: وما انتفاع أخي الدنيا بناظره إذا استوت عنده الأنوار والظلم

بالمناسبة صاحبنا هذا يكني نفسه بأبي هشام ابن الحكم نسبة إلى أبي جهل لعنه الله، و مما يعجبني بهذا الرجل أنه يعرف مقدار نفسه تماما، فلقلما تجد رجلا هذه الأيام يضع نفسه في موضعها الصحيح، يقول رسولنا الكريم صلى الله عليه و سلم: رحم الله امرئ عرف قدر نفسه، أسأل الله أن يرحمه بهذه المعرفة، مع أنني ما زلت أرى أنه من الظلم الشديد لأبي جهل أن يُنسب إليه هذا الغبي، ذلك أن الرسول عليه الصلاة والسلام دعا ربه ذات مرة بأن يعز الإسلام بأحد العمرين يعني عمر بن الخطاب أو عمر بن الحكم الملقب بأبي جهل
لم يكن عمر بن الحكم جاهلا بل كان من أشرف أشراف قريش و ساداتها و أكثرهم علما و أرجحهم عقلا، و لكن ما حمله على الكفر بدعوة محمد هو السبب نفسه الذي أخرج إبليس من الجنة ألا و هو الكبر، و لذلك لقب بأبي جهل، لأن رأس الجهل هو أن تعرف الحق ثم تحيد عنه لأسباب حيوانية بهيمية، ولذلك يصنف إبليس على أنه رأس الحمق و أبوه الأول

صفوة القول

هذا لا ينفي أن الأسباب التي دفعت أبا جهل إلى الكفر و التكذيب، هي أسباب ذات قيمة اجتماعية و ضرورة سيادية حتمها مكانة أبي جهل القبلية في ذلك الوقت، أما هذا المسكين الذي يكتب في تلك المدونة المغمورة فما هي المكاسب التي يحققها من هذا الإلحاد الممسوخ؟! ناهيك طبعا عن تلك المُغَبيّات الضاربات له بالدف، ولكنه الخسران المبين الذي ذكره المولى عز و جل في كتابه الحكيم... خسران الدنيا والآخرة


راعه أي أفزعه ،الحمولة الإبل ،الخمخم نبت تعلفه الإبل

أي ما أفزعني إلا استفاف إبلها حب الخمخم وسط الديار، أي ما أنذرني بارتجالها إلا انقضاء مدة الانتجاع و الكلأ ، فإذا انقضت مدة الانتجاع علمت أنها ترحل إلى دار حيها

هذا البيت لعنترة بن شداد من أجمل ما قيل في الخمخم، أحببت أن أبدأ به حديثي لأني على يقين من أن بعض التعليقات التي سوف تأتيني لا علاقة لها بالموضوع الذي أناقشه لا من قريب و لا من بعيد تماما كهذا البيت الذي لا يمت إلى الموضوع بصلة، و تماما كتعليقي أنا على البيت نفسه

Saturday, September 10, 2005

كبش الفداء

سنة 1908 انقلاب عسكري

أعلن الانقلاب الدستور و تنحية الشريعة، و كان شعار الانقلاب العدالة، المساواة، الأخوة

سنة 1909 انقلاب عسكري آخر و الذي عُزل على أثره السلطان عبد الحميد الثاني، و بدأ بعدها حكم العسكر الذين منعوا الحجاب و لغوا العمامة و العباءة، كما أنهم لغوا منصب شيخ الإسلام

ثم بدأ حكم الاتحاد و الترقي أو حكم تركيا الفتاة و دخلت الاشتراكية والقومية، و بقيت الخلافة كرمز

سنة 1914 تدخل الدولة العثمانية الحرب العالمية الأولى إلى جانب الألمان ضد انجلترا و فرنسا و روسيا، و يجبر المسلمون على دخول هذه الحرب التي لا ناقة لهم فيها و لا جمل

في حين أن الشريف حسين يدخل الحرب إلى جانب انجلترا، و هكذا يتقاتل المسلمون فيما بينهم

سنة 1915 بروتوكول دمشق، يُرسل الشريف حسين ابنه فيصل إلى دمشق ليتصل مع زعماء الحركة القومية هناك، و تتفق كلمة الجميع على قبول عروض الانجليز، و يُنصب الشريف حسين قائدا للثورة ضد الدولة العثمانية

سنة 1915 اتفاقية سايكس بيكو، التي دخلت بريطانيا بموجبها في اتفاقيات سرية مع فرنسا و روسيا نصت على تقسيم الدولة العثمانية فيما بينها بعد انتهاء الحرب، و العرب بقيادة الشريف حسين لا يشعرون بشيئ من هذا بل يلتقون من غير قصد مع الكفار في تقويض الخلافة الإسلامية

سنة 1916 تُطلق أول رصاصة من الشريف حسين على قلعة الأتراك في مكة إيذانا بوقوع الثورة

سنة 1917 تتضح للشريف حسين خيوط المؤامرة التي حاكتها انجلترا و حليفاتها في اتفاقية سايكس بيكو، مما أثار حفيظة العرب إلا أنهم استمروا في ثورتهم بعد أن طمأنتهم بريطانيا، في حين أنها كانت تخطط لضربة أكبر ألا و هي وعد بلفور المشؤوم و الذي تعهدت من خلاله بإقامة وطن قومي لليهود على أرض فلسطين

سنة 1921 يتفاوض مصطفى كمال أتاتورك مع الانجليز على استقلال تركيا، فتُملي انجلترا عليه الشروط التالية
تقطع تركيا صلتها بالعالم الإسلامي تماما
إلغاء الخلافة الإسلامية
تتعهد تركيا بإخماد كل حركة يقوم بها أنصار الخلافة
تتختار تركيا لها دستورا مدنيًا بدلاً من الدستور العثماني المستمدة أحكامه من الشريعة الإسلامية

سنة 1924 يُلغي مصطفى كمال أتاتورك الخلافة الإسلامية إلغاء رسميا، و يطرد الخليفة العثماني و أسرته من البلاد، كما أنه يُلغي وزارتي الأوقاف و المحاكم الشرعية، يحول المدارس الدينية إلى مدنية، يعلن تركيا دولة علمانية، يغلق كثيرا من المساجد، يُحول مسجد آيا صوفيا الشهير إلى كنيسة، يجعل الأذان باللغة التركية، و يستخدم الأتجدية اللاتينية بدلا من الأبجدية العربية

كانت تلك لمحة تاريخية سريعة على أهم الأحداث التي صاحبت سقوط الخلافة الإسلامية و تحويل تركيا إلى دولة علمانية

أتوجه الآن بسؤال إلى أنصار العلمانية في بلدي الحبيب الكويت من دكاترة و أساتذة جامعات و مفكرين و أصحاب أقلام، أقول لهم بعد هذا الانقلاب العارم على الدين و نسفه و تهميش رجالاته و طمس معالمه و مسح هويته بالكامل، ماذا تحقق لتركيا بشكل خاص و للأمة العربية بعد انفصالها عن دولة الخلافة بشكل عام ؟ هل تتحققت أحلام التقدم و الحضارة التي تولد مع تحييد الدين و فصله عن السياسة؟ هل أصبحت تركيا قوة عظمى ؟ هل وضعت تركيا بصمتها في تاريخ العلم والعلماء ؟ هل تربع الشريف حسين على عرش الخلافة العربية كما كان موعودا؟ أم تقاسم الاستعمار ذلك العضو المبتور من جسد الخلافة ؟ الإجابة عن كل هذه الأسئلة و الأسئلة التي تشاكلها إجابة واحدة، و هي أن تركيا لم تحقق أي تقدم في ركب الحضارة الإنسانية، بل على العكس تماما، فلقد غدت تركيا بعد سقوط الخلافة دولة مهمشة ضعيفة فقيرة ليس لها أي تأثير في المنطقة، و ها هي تئن منذ زمن لبلوغ أقصى آمالها و أبعد طموحاتها في قبولها كعضو في السوق الأوربية المشتركة، هذا بعدما كان البحر المتوسط بحيرة عثمانية، لا تدخله أي بارجة أوروبية إلا بموافقة من الدولة و بدفع الرسوم و الضرائب الباهضة و التي طالما أثقلت كاهل تلك الدول، أما بالنسبة للعرب فإنهم لعبوا دورهم المعهود والمألوف على مر العصور و الدهور ألا و هو دور الضحية، مع المحافظة على أحقيتهم في تقديم خدمات كبش الفداء الجليلة، و التي لا يقبلوا من أحد أن ينازعهم أو يشاركهم إياها كائنا من كان، يقول عبيد بن الأبرص في معلقته: لا يعظ الناس من لا يعظ الدهر و لا ينفع التلبيب، ليتك تعلم يا عبيد أن العرب لا يتعظون لا من الناس و لا من الدهر، فلقد اعتادوا بأن يكونوا مطية تُمتطى،و وسيلة يحقق الغرب من خلالها مؤامراته و مخططاته، يقول تعالى: " وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ" ،ونحن دائما نواجه هذا المكر الشديد الذي حذرنا منه الله سبحانه و تعالى بكل ما نملك من سذاجة و حماقة و تبعية و انقياد، دعونا نفترض جدلا أن الإسلام هو سبب تخلف الأمة، ها هي تركيا تنكرت للإسلام الذي كان سبب عزتها و فرض هيمنتها على العالم لمدة أربعمائمة عام، فماذا جنت من جراء هذا التنكر؟ تجرعت و ما زالتت تتجرع كل ألوان الذل و الهوان، لماذا إذن نطلب من التاريخ أن يعيد نفسه؟ كيف يمكن أن نمارس العلمانية بصورة تفوق تلك التي مارستها تركيا؟ كمال الدين أتاتورك أغلق المعاهد الدينية و كليات الشريعة، و أعضاء مجلس الأمة في بلدي اليوم يطالبون بالمطلب نفسه مدعين أن هذه المعاهد تفرخ الإرهاب و التطرف! عجبا عجبت لهؤلاء، ألا يقرؤون التاريخ ألا يتعظون ...إلى متى هذه الغفلة؟ التاريخ الذي نتكلم عنه لا يعود إلى ألفين سنة قبل الميلاد، بل تاريخ قريب عمره لا يتجاوز الثمانين عام

لو نظرنا في حال بعض الدول الإسلامية ممن ابتعدت عن دينها وانقلبت على شريعتها، أين وصلت في سلم المجد؟ خذ على سبيل المثال لبنان الشقيق الذي تتوافر لديه كل معاني المدنية و التقدمية من مراقص و ملاهي و خمارات و عري، ما هي انجازات لبنان على الصعيد العلمي أو السياسي أو الاقتصادي؟! خذ أيضا تونس التي أسقط رئيسها فريضة الصيام عن شعبه، ما هي الكرامة التي نالها ذلك الشعب بعدما تعدى على فرض ثابت من فرائض هذا الدين؟ إلا متى نخدع أنفسنا و نعلق فشلنا على الدين و رجالاته و نتغافل عن كل الحقائق التاريخية التي أثبتت أن فترة النهوض و الاكتشافات العلمية التي عاشها العرب و المسلمون لم تكن إلا في كنف الإسلام و تحت مظلة الخلافة الإسلامية

أقول لعلمانيي الكويت الطريق أمامكم ما زال طويلا، فأنتم لا تستحقون أن تكونوا مسمارا في نعل مصطفى أتاتورك الذي نجح في منع المسلمات من ارتداء الحجاب و حول المساجد إلى كنائس، و أنتم إلى هذه الساعة ما زلتم تفاوضون على قانون منع الاختلاط، و لو نطقت العلمانية لقالت لكم أنكم وصمة عار في جبينها و أعلنت براءتها منكم و من جهودكم الخائبة

بكائي و عويلي هو على أتباعكم من عامة هذا الشعب المسكين الذي لا يمت إلى الثقافة بصلة و لا يعرف من تاريخه شيئا، فهم أشبه بمن قال الله فيهم: يَنْعِقُ بِمَا لَا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ




Monday, September 05, 2005

فن مخاطبة السفيه

أولا من هو السفيه؟ ... السفيه هو من لا سفيه له، بمعنى لا سفيه مثله يرده عن سفهه، فالسفه في السفيه أصل، بينما في المتصدي للسفيه حالة طارئة يلجأ إليها إذا استلزم الأمر

ومن الخطأ الشائع عند أصحاب المروءات أنهم لا يحسنون التقدير، فتراهم يلتزمون مع السفيه أدب الخلاف وطيب الألفاظ ، وهذا فيه من الخطأ الشيء الكبير، لأنه لا يحمل السفيه إلا على التمادي في سفهه، وهم يفعلون ذلك بحجة الحفاظ على المروءة و عدم النزول إلى مستوى الخصم، فتراهم سرعان ما يتحولون إلى أضحوكة المجلس، فتراق تلك المروءة و يجرح الكبرياء و يُؤذى الشرف أمام سفيه من السفهاء لايزن في ميزان الرجال جناح بعوضة

إذن السؤال الذي يطرح نفسه كيف نتعامل مع السفيه؟ يقول أحد الحكماء لا يخرجن أحد من داره إلا و قد أخذ في حجره قيراطين من جهل، حتى يرد السفيه عن سفهه والجاهل عن جهله، معنى الكلام أن السفيه يفهم لغة واحدة فقط ، هي لغة السفه، يقول عمرو بن كلثوم: ألا لا يجهلن أحد علينا....فنجهل فوق جهل الجاهلينا

ولقد ضرب القرآن الكريم أروع الأمثلة في مخاطبة السفهاء، نرى أهل الكتاب عابوا على السلمين تحويل قبلتهم من بيت المقدس إلى البيت الحرام، فجاء الرد من السماء سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا ابتدأ الله مخطابتهم بالسفهاء هذا قبل أي شيئ، ثم نرى أنه سبحانه لم يشرع لهم في تبيين أسباب هذا التحويل، بل اكتفى بقوله قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ أي لم يزد على أنه بين واسع ملكه و عظيم ملكوته و أن الهداية بيده وحده يعطيها لمن يشاء، وهذا هو القدر الذي يجب أن يخاطب به السفيه، يقول الإمام الشافعي رحمه الله: من منح الجهال علما أضاعه.... وهؤلاء هم اليهود يصفون الله في البخل، فيرد الله عليهم افتراءهم "وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ" رد قاسي ولعن صريح .... المشركون يرودون أن يناقشوا في قضية تحريم الربا " قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا" فرد الله عليهم بقوله " وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا" هذا اعتراض منهم على الشرع مع علمهم بتفريق الله بين الربا والبيع و ما كان الله ليحرم الربا لو أنه مثل البيع على حد زعمهم، ولذلك اكتفى الله بأن قال لهم أنني أحللت البيع و حرمت الربا، ولو شاء الله لبين الحكمة من هذا التحريم و ليس ذلك عليه بعزيز فهو العليم الحكيم صاحب الحجة التي لا تدحض و الحقيقة التي لا ترد ....قال نصراني لأحد الصحابة بعد هزيمة أحد: أنبي و يهزم؟ فرد عليه الصحابي: أنبي و يصلب؟ يعني سيدنا عيسى عليه السلام، مع أن هذا الصحابي أعلم الناس بعيسى و أدرى بحقيقة رفعه إلى السماء و أنه لم يصلب و لم يقتل بل شبه لهم، و لكن جاء رده من باب الإسكات و الإلقام، حيث أنه عرف أن هذا النصراني جاء متشمتا ولم يأت طالبا للحق.... سأل رجل أحد العلماء في مسألة الاستواء على العرش قائلا: الرحمن على العرش استوى، كيف استوى؟ فرد عليه العالم: الاستواء معلوم و الكيف مجهول و من عاد فسأل قطعنا رأسه، هذا العالم عرف أن الرجل الذي أمامه من عامة الناس، فحتى يقطع عليه الشكوك و الظنون و مداخل الشيطان زجره بأن قال له و من عاد فسأل قطعنا رأسه، ولو أنه رآه من الخاصة أو من طلا ب العلم لخاض معه في قضية الأسماء والصفات و التي تعد من القضايا الحساسة في باب التوحيد، و لكن اللتزم معه الحكمة ، فالرسول عليه الصلاة والسلام يقول: "أمرت أن أخاطب الناس على قدر عقولهم" كما أنه يقول عليه الصلاة والسلام في حديث آخر حدثوا الناس بما يعرفون، أتريدون أن يكذب الله ورسوله

يقول رسول الله صلى الله عليه و سلم: "المؤمن كيس فطن" فكان واجبا على المؤمن قبل أن يدخل في أي نقاش أن يحدد الأبعاد الفكرية للشخص الذي أمامه، و يمتحن عقله و منطقه فإن رآه ممن يستحق حواره بذل معه كل الأسباب التي تؤدي إلى إقناعه و إعادته إلى حظيرة الحق، أما إن كان من الجهال أو السفهاء فالحمق كل الحمق بعرض العلم عليه، لأن العلم أغلى ما يملك الإنسان و آخر ما يجب أن يُهان، أنا يهون علي أن أنزل بمستواى شخصي و أسلوبي و لكن ليس بعلمي لأنه جُنتي و ردائي وسبب خلاصي في داري معاشي و معادي، يقول الإمام الشافعي
أأنثر درا بين سارحة البهم....أو أنظم منثورا لراعية الغنم؟
لعمري لئن ضُيعت في شر بلدة....فلست مُضيعا فيها غرر الكلم
حتى النحويون كانوا يتجنبون النحو عند العامة، يقول أحد كبار مشائخهم لأصحابه: إياكم والنحو بين العامة فإنه كاللحن بين الخاصة

أنا أشكر الأخت الفاضلة إذ أنها وصفت أسلوبي بالهابط و السخيف، فعلا فأنا تعمدت الهبوط حيث أنني دائما أردد و أقول: لكل مقام مقال ، كما أنني أحمد الله إذ أنه دائما يوفقني إلى أن تكون كتاباتي ملائمة لكل الشرائح و لمختلف الفصائل، ففيها للمتبصر المتمعن الفائدة و الحكمة، و فيها للسطحي المحدود رشقات اللسان و حدة البيان

Saturday, September 03, 2005

من أخبار الحمقى والمغفلين

بصراحة لم تكن عندي النية في أن أعاود الكلام عن الموضوع ذاته و الذي ابتدأته بوقفة مع الشاعر نزار قباني، و لكن الأخ مواطن خندريسي دفعني من غير قصد إلى أن أدخل إحدى المدونات والتي أجبرتني على أن أقضي بعض الوقت بها ما بين تصفح مواضيع و قراءة تعليقات، و بدون أن أفاجأ صادفت الشخصيات نفسها بين المعلقين، فهؤلاء اعتدت أن أعثر عليهم في أكوام القمامات الفكرية، تماما كالذباب تستهويه الأقذار وتفتنه الأوساخ

الكلام الذي قرأته لا يخرج من عاقل، فكما يقولون حدث العاقل بما يعقل فإن صدق فلا عقل له، الظاهر أن الأخ مصاب بلوثة عقلية دفعته إلى كتابة ما كتب، وأنا أسأل الله أن يكون ما كتبه بحسن نية، لأن الأبله السليم القلب من بقر الجنة لا ينطح و لا يرمح، أنا عتبي كله ينصب على الأخوات الاتي علقن في تلك المدونة مع أنني أشك في قواهم العقلية أيضا و لست على يقين من استقرار حالتهم النفسية، ما أود قوله لماذا نُعجب أو نتعجب ممن يتكلم بالإلحاد؟! الإلحاد يا إخوان أمر هين جدا، طفل من أولى روضة يستطيع أن يتكلم بالإلحاد و يتفلسف به على أكبر الأصعدة، فما هو رأس مال الملحد ؟ ببساطة شديدة الإجابة هي أن أنسف كل ما لم تره عيني أو يستوعبه عقلي، فأنا الآن أنكر وجود خالق كما أنكر البعث و الجنة والنار و الملائكة و كل تلك الأشياء التي تعد من أساسيات و نواقض الإيمان، وباستخدام بعض المفردات المسرحية و الأمثلة الفلسفية أستطيع أن أصدر كتاب في الإلحاد لا يبقى إنسان على وجه الكرة الأرضية إلا و يتكلم به حتى إنه ليكون حديث الساعة وتتناقله وكالات الأنباء و الصحف في مختلف أرجاء الأرض، إذن فالإلحاد قضية سهلة و بسيطة لأنها قائمة على النفي والنفي المطلق فقط وليس للعقل بها أي دور كما يتوهم أصحابها، لاحظت أننا في الكويت سرعان ما نُعجب بمن يعبث بهذا الدين أو يتطاول عليه، و كأن بيننا و بين هذا الدين ثأر قديم نتحين الفرص لكي نأخذ به، شيئ غريب فعلا

سأتناول إحدى الإلهامات البلهاء التي نزلت على ذلك المعتوه، فهو يقول لماذا أوجب الله على المرأة اللباس إن كنا نعلم ما تحته، و لماذا لم يغطينا بأصداف أو فرو؟! طبعا هذا الكلام لا تعليق عليه، أما الأخت فلقد راق لها ذلك، فهي أشبه بالغريق الذي يبحث عن قشة يتعلق بها، فقالت و هي تصف زيارتها لجزر المالديف و كيف أن عقدة التعري ما زالت تلاحقها إلى ذلك المكان البعيد عن أعين الناس: خشيت ان أتعرى ...فترقبني النجوم، وقد أثير غرائزها فأكون ارتكبت خطيئة كبرى! عجبا لهذا التفكير، أو ليس جسد المرأة يشكل إثارة للرجل؟! هذا شيئ معروف و متعارف عليه عند كل البشر والأمم، ولو عُطلت هذه الإثارة عند الرجل لتوقفت مجلة بليي بوي عن الإصدار و لأعلنت باميلا أنديرسون إفلاسها و جلست في بيتها، فعلى مستوى أمريكا التي تعد أكبر دولة علمانية في العالم ما زالت المرأة تستخدم في كل مجالات الإغراء و الإثارة الجنسية، ولكن ليست أي امرأة و إنما امرأة بمواصفات جمالية و مقاييس جسمانية دقيقة أعتقد أن الأخت أبعد ما تكون عنها، والظاهر أن العقدة التي عند الأخت هي عقدة عدم إثارة أكثر منها عقدة إثارة، وإن كان هذا التعري محظورا عليك أمام النجوم والكواكب أو لم تنعم به في غرفة النوم؟ أم أنك من النوعية التي لا يُستحب جماعها إلا على أنوار منطفئة؟! يقول الأخ في رده على الأخت أنه يعشق كل بوصة في جسدها الأنثوي و أن جسدها أطهر عنده من الكعبة، أرجو أن لا يتقزز أحد من هذا الكلام لأننا اتفقنا من البداية أن الأخ لا يعول عليه، ولكن يبدو عليه أنه يتسم بأخلاقيات عالية على الرغم من خفة عقله، فهو لمس بالأخت الحرمان فأحب أن يعوضها ببعض الكلمات التي ما حلمت بأن تسمعها من زوجها، ولذلك ظلت أسيرة مدونته فترة من الزمن استطاعت من خلالها أن تعيد بناء الثقة بجسدها المنسي والمشطوب من صفحات فراش الزوجية، لذلك أوصي الأزواج بأن يتمتعوا بما أحله الله لهم و يتلذذوا بكل بوصة من أجساد زوجاتهم ولا يتركوهن سجينات الشهوة فهذه من حقوق الزوجة المشروعة، و قد رأيتم كيف يصبح حال الزوجة إذا فقدت تلك الرعاية الجنسية من زوجها، ففي دولة مثل الكويت تترتفع فيها درجات الحرارة قد يحملها ذلك الشبق الجنسي على الكفر و العياذ بالله
نظرا لكبر الموضوع و تشعبه فلقد قررت أن أتناوله على حلقات... أسأل الله أن يثبت علينا نعمة العقل والدين