Wednesday, January 11, 2006

هنيئا لك العيد الذي أنت عيده

لقد جاءت فتوى العميد السابق لكلية الشريعة في الأزهر بمثابة العيدية القيمة لكل من أوغر صدره على هذا الدين، و حفت قدماه بتتبع سقطات الآخرين و ترصد هفوات العالمين، و كان أول من تناول هذه العيدية بأطراف أسنانه هو الكاتب البارع صاحب المنطق الفصيح و اللسان الطليق، الكاتب نبيل فضل، و راح ليصرفها في صفحته العابثة، بعدما وشٌاها و زخرفها و نمقها و نمنمها، حتى يتسنى له فيما بعد أن يشتري بها بعضا من تلك العقول البائرة و الكاسدة، في سوق لم تعد تعرف بها للحجة دليلا و لا لمادة العقل وجهة و سبيلا.

لست في مقالي هذا بصدد نقد تلك الفتوى أو الخوض بصحتها في أي شكل من الأشكال، لأنني و ببساطة شديدة لست من حملة هذا اللواء ، و لا من النازلين بمنزلة العلماء، و إنما وجدتها فرصة سانحة كي أدعو نفسي و أدعو كل مسلم إلى العمل بحديث رسول الله صلى الله عليه و سلم: طلب العلم فريضة على كل مسلم و مسلمة، و أرى أننا أحوج ما نكون إلى هذا العلم في أيامنا هذه، التي كثر بها المتربصون بهذا الدين و العاملون ليلا و نهارا على تشويه صورته و طمس معالمه الحقيقية المستقاة من الكتاب و السنة المعمول بهما في مجتمع الصحابة و من تبعهم بإحسان ، و هذا العلم إنما يكون بتحري سنة رسول الله في كل قول و عمل، و التفقه في أصول الدين، والتبحر في معرفة أعلامه و رجالاته، وعلى رأس هذا كله قراءة التاريخ الإسلامي قراءة واعية، و عرض أحداثه و سبر أغواره، و الخروج منه بالدروس و العبر المستفادة و تجارب الأمم السابقة، حتى لا نتأثر بسهولة بفتوى قالها عالم هنا أو هناك، فنصب جام غضبنا على هذا الدين و نسارع في طلب نبذه و إقصائه حتى لا يتمكن من الدخول في فُرشنا و يحرمنا لذة النظر إلى أجساد أزواجنا، فهذا الدين ثابت بأصوله و مؤيد برجال ألبسهم الله من الجلالة و غشاهم من نور الحكمة ما لا يمكن لقلم عقيم أو فكر سقيم أن ينالهم أو يتنقصهم، و التاريخ الإسلامي كان صدره أرحب من أن يضيق بنبيل فضل أو من هم دون نبيل فضل و إنما و سعهم بحلمه و فرد لهم صفحاته، و مع هذا كله إلا أنهم بعد فترة وجيزة غدوا نسيا منسيا و سجلا مطويا، و مصداق ذلك قول المولى عز و جل في كتابه العزيز: يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ

كما أني أتوجه إلى سيادة العميد بكلمة أقول له فيها: أنك يا سيدي الفاضل بفتواك هذه لم تعد من أن قدمت نفسك أضحية سعد بها أولائك المتطفلون على موائد الكتبة فنحروها بسكين رفعت شعار يا مسلمين هذا دينكم دين الفراش و الجنس، في وقت نحن بأمس الحاجة إلى كلمة حق يقولها عالم يدوي صداها في أصقاع هذا العالم الإسلامي الذي ملئ ذلا و أشعر هوانا، و أثخن جسده بجراحات المغرضين و المترقبين سقوطه من صدور أبنائه و اتضاعه في أعين أعدائه، و تذكر معي أنه لكل مقام مقال و لكل حالة كلام، فما هو المقام و لا هي الحال يا سيادة العميد للتطرق إلى هذه الخلافات الفقهية التي أكل عليها الدهر و شرب

Tuesday, January 03, 2006

بقرة الوالد

أشكر السيدة المحترمة عزيزة المفرج على مقالتها الظريفة التي نشرتها جريدة الوطن تحت عنوان لا تبيع البقرة. شكري هذا غير نابع من قيمة المعلومات التي حصلت عليها من تلك المقالة أو من الحقائق التي كانت خافية علي قبل أن أقرءها، بقدر ما هو شكر على دقائق الضحك التي استمتعت بها و أنا أستعرض تلك الكلمات الخفيفة و اللطيفة و التي اعتدت كمواطن كويتي يعيش على أرض هذا الوطن الكريم أن أسمعها بشكل يومي و روتيني، فلقد أصبحت لعبة الاستهزاء بالآخرين و الحط من أقدارهم هي الشيئ الوحيد الذي يتقنه أي مواطن، و باتت التعليقات السخيفة و الملاحظات العقيمة نفسها تتكرر و بنفس الأسلوب الممل و المزعج، و لكن لا حرج أن تكون الدواوين و المسرحيات الهابطة هي الراعي لمثل هذه الأسقام الاجتماعية، أما أن تتسرب هذه العقد و الأمراض إلى جريدة رسمية يقرؤها القاصي و الداني، فهذا مما يستحق أن يقف على أمره و ينظر في شأنه، لا سيما و أننا نعيش في بلد يضم جاليات متعددة قسم منها واع و مطلع و يعرف ما يدور حوله

يقول الرسول عليه الصلاة و السلام في الحديث الشريف: بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم. و يقول في حديث آخر: المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله و لا يحقره. و جملة أحاديث أخرى من شأنها النهي عن احتقار المسلمين بعضهم لبعض، وإنما جاء الهدي النبوي داعيا إلى الاخوة مطالبا بحقها مناديا باسمها، مع العلم أن الكويت سارت و ما زالت تسير في ضوء المشاركة الفعالة للمقيمين و الوافدين، الذين لم يبيعوا بقرة أبيهم على حد زعم الكاتبة الموقرة و إنما تركوا وراءهم أزواجهم و فلذات أكبادهم و أتوا إلى هذه الأرض بحثا عن لقمة العيش
وعندما كان العقل بطبيعته يدفع الإنسان إلى الاحتكام إلى الواقع لكل ما يعرض عليه، فأنا أحكم في هذه المسألة واقع التجربة التي عشتها عندما كنت أعمل كمهندس تشغيل في أحد محطات توليد الطاقة، و اكتشفت بعد أيام قليلة من العمل أن مشروع التكويت في هذه المؤسسة الحيوية لسه بكير عليه، و السبب في هذا أنها مؤسسة حيوية و ليست كالوزارات التي تعج بخامة البطالة المقنعة، لأن الوقت الذي كان يعمل به ألائك الذين باعوا بقرة أبيهم بجد و تفاني حتى يضمنوا أن يضاء كل مصباح في بيت كل كويتي و غير كويتي هو الوقت نفسه الذي كان يقضيه فئة ليست بالقليلة من أبناء هذا الوطن بشوي الكباب في غرف التشغيل و لعب البليي ستيشين و الكوت، حتى قرار إيقاف أو تشغيل أي وحدة ما كان ليجرؤ أحد على اتخاذه إلا بعد طلب رئيس قسم التشغيل الباكستاني هاتفيا بمنزله و أخذ موافقته
يقول الله سبحانه و تعالى في كتابه العزيز: وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ. و يقول الشاعر: لعمرك ما
في الأرض ضيق على امرئ سرى راغبا أو راهبا و هو يعقل، هذه الأرض ملك لله عز وجل أورثها لعباده و أعطاهم مطلق الحرية للسياحة في أصقاعها و التنعم بخيراتها. و لكنه من حكمته سبحانه أنه لم يساو بين البشر الذين خلقهم ليسكنوها و إنما فاضلهم و باينهم حتى يتسنى لهم أن يعمروها، يقول جل جلاله: وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا، فعلينا أن لا نسيئ مفهوم التسخير هذا و إنما نؤدي حقه بفهم و إدراك، لا بسطحية و حماقة كما نحن عليه الآن، و علينا أن لا نضخم التجاوزات أو الجرائم الفردية و الغير مسؤولة التي يقوم بها بعض أصحاب النفوس المريضة ووضعها تحت المجهر، فلقد آن الأوان لمن يطالبون بالعولمة أن يعلو فوق العنصرية و يتحرروا من قيود الطبقية التي تعد من أبجديات المطالبة العلمانية، و لا ننس أن الولايات المتحدة التي تتمتع بأضخم نظام هجرة على مستوى العالم ضربت في مقتلها في الحادي عشر من سبتمبر، و ما زالت حدودها إلى هذه اللحظة غير قادرة على رد العشرات من المتسللين إليها يوميا، حتى تقوم القيامة عندنا و لا تقعد لأن أفغاني عاود دخول البلاد بجواز مزور بعدما باع بقرة أبيه و ربما حمار أمه عندما عاود الكرة