Tuesday, January 03, 2006

بقرة الوالد

أشكر السيدة المحترمة عزيزة المفرج على مقالتها الظريفة التي نشرتها جريدة الوطن تحت عنوان لا تبيع البقرة. شكري هذا غير نابع من قيمة المعلومات التي حصلت عليها من تلك المقالة أو من الحقائق التي كانت خافية علي قبل أن أقرءها، بقدر ما هو شكر على دقائق الضحك التي استمتعت بها و أنا أستعرض تلك الكلمات الخفيفة و اللطيفة و التي اعتدت كمواطن كويتي يعيش على أرض هذا الوطن الكريم أن أسمعها بشكل يومي و روتيني، فلقد أصبحت لعبة الاستهزاء بالآخرين و الحط من أقدارهم هي الشيئ الوحيد الذي يتقنه أي مواطن، و باتت التعليقات السخيفة و الملاحظات العقيمة نفسها تتكرر و بنفس الأسلوب الممل و المزعج، و لكن لا حرج أن تكون الدواوين و المسرحيات الهابطة هي الراعي لمثل هذه الأسقام الاجتماعية، أما أن تتسرب هذه العقد و الأمراض إلى جريدة رسمية يقرؤها القاصي و الداني، فهذا مما يستحق أن يقف على أمره و ينظر في شأنه، لا سيما و أننا نعيش في بلد يضم جاليات متعددة قسم منها واع و مطلع و يعرف ما يدور حوله

يقول الرسول عليه الصلاة و السلام في الحديث الشريف: بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم. و يقول في حديث آخر: المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله و لا يحقره. و جملة أحاديث أخرى من شأنها النهي عن احتقار المسلمين بعضهم لبعض، وإنما جاء الهدي النبوي داعيا إلى الاخوة مطالبا بحقها مناديا باسمها، مع العلم أن الكويت سارت و ما زالت تسير في ضوء المشاركة الفعالة للمقيمين و الوافدين، الذين لم يبيعوا بقرة أبيهم على حد زعم الكاتبة الموقرة و إنما تركوا وراءهم أزواجهم و فلذات أكبادهم و أتوا إلى هذه الأرض بحثا عن لقمة العيش
وعندما كان العقل بطبيعته يدفع الإنسان إلى الاحتكام إلى الواقع لكل ما يعرض عليه، فأنا أحكم في هذه المسألة واقع التجربة التي عشتها عندما كنت أعمل كمهندس تشغيل في أحد محطات توليد الطاقة، و اكتشفت بعد أيام قليلة من العمل أن مشروع التكويت في هذه المؤسسة الحيوية لسه بكير عليه، و السبب في هذا أنها مؤسسة حيوية و ليست كالوزارات التي تعج بخامة البطالة المقنعة، لأن الوقت الذي كان يعمل به ألائك الذين باعوا بقرة أبيهم بجد و تفاني حتى يضمنوا أن يضاء كل مصباح في بيت كل كويتي و غير كويتي هو الوقت نفسه الذي كان يقضيه فئة ليست بالقليلة من أبناء هذا الوطن بشوي الكباب في غرف التشغيل و لعب البليي ستيشين و الكوت، حتى قرار إيقاف أو تشغيل أي وحدة ما كان ليجرؤ أحد على اتخاذه إلا بعد طلب رئيس قسم التشغيل الباكستاني هاتفيا بمنزله و أخذ موافقته
يقول الله سبحانه و تعالى في كتابه العزيز: وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ. و يقول الشاعر: لعمرك ما
في الأرض ضيق على امرئ سرى راغبا أو راهبا و هو يعقل، هذه الأرض ملك لله عز وجل أورثها لعباده و أعطاهم مطلق الحرية للسياحة في أصقاعها و التنعم بخيراتها. و لكنه من حكمته سبحانه أنه لم يساو بين البشر الذين خلقهم ليسكنوها و إنما فاضلهم و باينهم حتى يتسنى لهم أن يعمروها، يقول جل جلاله: وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا، فعلينا أن لا نسيئ مفهوم التسخير هذا و إنما نؤدي حقه بفهم و إدراك، لا بسطحية و حماقة كما نحن عليه الآن، و علينا أن لا نضخم التجاوزات أو الجرائم الفردية و الغير مسؤولة التي يقوم بها بعض أصحاب النفوس المريضة ووضعها تحت المجهر، فلقد آن الأوان لمن يطالبون بالعولمة أن يعلو فوق العنصرية و يتحرروا من قيود الطبقية التي تعد من أبجديات المطالبة العلمانية، و لا ننس أن الولايات المتحدة التي تتمتع بأضخم نظام هجرة على مستوى العالم ضربت في مقتلها في الحادي عشر من سبتمبر، و ما زالت حدودها إلى هذه اللحظة غير قادرة على رد العشرات من المتسللين إليها يوميا، حتى تقوم القيامة عندنا و لا تقعد لأن أفغاني عاود دخول البلاد بجواز مزور بعدما باع بقرة أبيه و ربما حمار أمه عندما عاود الكرة

6 Comments:

At 2:15 AM, Blogger Ra-1 said...

fee nas jahala lel asaf!

at last u posted something :)

 
At 11:53 PM, Blogger الجاحظ said...

الجهل لما يطلع من طبقة تدعي الثقافة و المعرفة، و صاحبة قلم فهذا جهل مركب مو بس جهل

على العموم سعدت بلقائك
:)

 
At 8:41 AM, Blogger meo said...

سررت بعودتك الكريمة
عندما اصادف تلك الطبقة التي يدور حولها الحوار أتذكر قول الرسول عليه الصلاة و السلام
كثرة الضحك تميت القلب
و هم اليوم يجسدون حديث الرسول

 
At 10:00 AM, Blogger AL-3ANAN said...

... السلام عليكم
اخي العزيز موضوعك رائع جدا
وللأسف فان هذه الظاهره منتشره بشكل كبير في بلدنا العزيز وهذا ما أستغرب منه دائما لا أعلم ما سر هذه النظره لهؤلاء الأشخاص
تحياتي لك اخي العزيز

 
At 1:40 AM, Blogger الجاحظ said...

meo

مع الأسف أن أكل لحوم الآخرين و التفكه بأعراضهم بحق و بغير حق أصبح هو الشغل الشاغل و الهم الدائم لعامة الناس

برقت الصفحة و تدفقت سرورا بحسن تواصلك

:)

Al-3anan

أشكر لك مرورك الكريم

 
At 11:30 AM, Blogger MASS said...

السلام عليكم
أخي الحبيب
و والله سعدت برجوعك

للأسف هناك إلا من يأبى أن يتبع النور الذي أنزل مع محمد
و ما أهلكتنا إلا هذه الدعوي الباطله و الساقطه من وطنيه و قوميه و سخريه من من يوحدون الله

وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ

و لا يدخل الجنه من كان في قلبه مثقا ذره من كبر

والله المستعان

 

Post a Comment

<< Home